العربي يقرأ 6 دقائق والغربي 200 ساعة سنوياً
الطاهر حمزاوي
كم من الوقت يصرفه المواطن العربي في القراءة؟ وكم من الوقت يخصصه المواطن الغربي لذلك؟ الأكيد أن الكثيرين لا يعرفون شيئا في هذا الباب، خاصة في غياب دراسات ميدانية
تجس نبض العربي. لكن في تقرير عن التنمية الثقافية، الذي أصدرته مؤسسة الفكر العربي كانت النتيجة صادمة، فقد أظهر هذا التقرير أن هناك تدهورا في نسبة القراءة بين العرب مقارنة بالغربيين الذين يقضون ساعات طويلة في القراءة.إذ في الوقت الذي يشكل متوسط قراءة الفرد الأوروبي نحو 200 ساعة سنوياً، تتناقص القراءة لدى الفرد العربي إلى 6 دقائق سنوياً. وقد عرض هذا التقرير في مؤتمر «فكر» بدورته العاشرة، التي عقدت مؤخراً في دبي بالإمارات العربية المتحدة، ووصف هذه النتيجة بـ«المخيفة».
وعلَّق الكاتب السعودي فهد الشقيران على هذه الحصيلة قائلاً: «إن العوامل البيئية تؤثر في نسبة القراءة بين العرب»، في إشارة إلى أن مستويات الفقر ونسبة الأمية في المجتمعات العربية عالية، مثل اليمن، حيث تشكل نسبة الأمية فيها 69 بالمائة، وفي السعودية 13 بالمائة .
وأضاف «ما زالت استراتيجيات مؤسسات التعليم تقوم على مكافحة الأمية، بينما مؤسسات التعليم الغربية تجاوزت هذا الهدف وأصبحت لديها استراتيجيات أخرى».
وأوضح الشقيران أن بيئة التعليم الناقصة هي السبب في تعطيل علاقة الإنسان بالكتاب. وانتقد أسلوب المناهج الدراسية، واصفا إياها بالهشة، وأن معلوماتها ناقصة، معتبرا بأنها أول علاقة بين الإنسان والكتاب.
من جانبه، أشار أمين عام مؤسسة الفكر العربي سليمان عبد المنعم إلى أن التقرير صدر هذا العام متضمنا كالتقارير السابقة خمسة ملفات أساسية، هي: التعليم (التعليم الجامعي وسوق العمل·· اختلالات على الجانبين)، المعلوماتية (قضايا الشباب العربي على الإنترنت)، الإبداع الأدبي (كتابات الشباب العرب)، الإبداع في السينما والدراما (السينما عشية الربيع العربي)، والمسرح (المسرحية والنفق المظلم)، والأغنية (المضمون الثقافي للأغنية العربية)، بالإضافة إلى ملف الحصاد الثقافي السنوي· وقال المتحدث إن التقرير العربي الرابع للتنمية الثقافية لهذا العام شارك في إنجازه نخبة من الخبراء والباحثين العرب، وضم هيئة استشارية من مختلف الاختصاصات العلمية·
وفي السياق ذاته، علق مدير منشورات «دار المتون» الجزائرية عبد الرحمن هنانو في حديث لـ«البلاد» قائلا: «لم يفاجئني ولم أبتئس لأنني مبتئس أصلا وكئيب للوضع الثقافي ككل وحال الكتاب والقراءة بصفة خاصة، إذ أعتقد أن المجموعة الوطنية التي تسمى دولة بهتانا وأخص هنا الجزائر لم تعرف أي إستراتيجية قرائية مبنية على أسس صناعة الكتاب بكل ما تحويه هذه الصناعة من تخصصات صناعية وفنية أخرى كقطاع حيوي يتحمل مسؤولية إنتاج الإنسان الكامل، القارئ، الواعي، المتعلم والمطلع والإيجابي والمساهم في التنمية والرقي والبناء».
من ناحية أخرى، أوضح عبد الرحمن هنانو أنه إذا كانت كمية 6 دقائق سنويا بالنسبة إلى البلاد العربية، فعشرها يمكن أن نضع أمامه نسبة المقروئية في الجزائر، مضيفا «أنا لا أحمل المواطن/ القارئ مسؤولية عزوفه وعدم اهتمامه بالكتاب، بل المسؤولية كل المسؤولية يتحملها من يضع الاستراتيجيات للمنظومات الوطنية، ومنها منظومة القراءة وطلب المعرفة وتوفيرها، ويتقاسم معه ذلك المهنيون والمستثمرون في القطاعات ذات العلاقة بالكتاب وصناعة المعرفة وصناعة القارئ، على حد تعبيره·
يذكر أن هذا التقرير هو الأول من نوعه في العالم العربي، الذي تُصدره مؤسّسة ثقافية عربية بتمويل عربي وبأقلام عربية، ويغطي واقع التنمية الثقافية في حوالي عشرين دولة عربية.
من جهة أخرى، أجرت المؤسسة استطلاعاً لمعرفة مدى اطلاع الشباب العرب على حركة الشعر العربي، ووضعت قائمة تضم 27 أديباً وأديبة لقياس معرفة الشباب بهم ومدى اطلاعهم، في ثلاث نواح: أولاها «معرفة واسعة»، والثانية «لم أسمع به»، والأخير «لم أقرأ له». وأفادت صحيفة «الوطن» السعودية بأنه جاء في صدارة الجدول الأول المخصص لخانة «المعرفة الواسعة» ثلاثة شعراء من عصور زمنية مختلفة، إذ تقدم الشاعر أحمد شوقي طليعة الأدباء الذين يعرفهم جيل الشباب، بنسبة 38.8 بالمائة، يليه عنترة بن شداد بنسبة 27.8 بالمائة ، بينما حل المتنبي ثالثاً بنسبة 24.3 بالمائة ، فيما تذيلت الترتيب وداد سكاكيني بنسبة 0.4 بالمائة، وأدونيس بنسبة 1.9 بالمائة ، واحتل غازي القصيبي المرتبة الـ20 بنسبة 3 بالمائة. وأوضحت نتائج الاستطلاع أن تمكن شوقي من اعتلاء القائمة يعود إلى شاعريته المتجددة، وغناء محمد عبد الوهاب لقصائده، بينما جاء وجود الشاعرين عنترة والمتنبي بسبب انتشار أخبارهما على ألسنة «الحكواتية» في المقاهي الشعبية في مراحل ما قبل التلفزيون.
وشكل الجدول الثالث للدراسة المتمثل في خانة «لم أسمع به» ظاهرة الجهل بنتائج مجموعة من الأدباء، فالنسب الأعلى للأدباء الخمسة الذين تصدروا قائمة «لم أسمع به» جاءت كالآتي: وداد سكاكيني بنسبة 67.3 بالمائة، وزكريا تامر بنسبة 66.5 بالمائة، وبنت الشاطئ بنسبة 59.7 بالمائة، وغازي القصيبي
بنسبة 57 بالمائة، وجابر عصفور بنسبة 56.5 بالمائة.
موضوع: العربي يقرأ 6 دقائق والغربي 200 ساعة سنوياً 
الأحد ديسمبر 18, 2011 8:17 am