التربية على المواطنة وحقوق الانسان
التربية على حقوق الإنسان مجالاتها ومستويات تدخل الفعل المدني
صار الحديث عن موضوع التربية على المواطنة وحقوق الإنسان هو حديثا عن الشأن العام والتنمية وتحديث المجتمع، ذلك أن التطلع إلى التنمية والتحديث لا يستقيم دون استحضار الحق في التعلم، وفي حرية الرأي، وفي الاختلاف والمساواة والديمقراطية، وفي الكرامة والتسامح، أي دون استحضار البنية العامة لثقافة المواطنة وحقوق الإنسان وجهازها المفاهيمي والقيم والسلوكات التي تنبثق عنها، ف فيدير يكو مايو ر ، المدير العام لليونسكو يقول : ’’القيمةالعظيمة لحقوق الإنسان تكمن، في كونها تساعد الكائنات الإنسانية على تكريم نفسها بنفسها، وهو ما يمنح لكل واحد منا القدرة على العمل من أجل بناء عالم أكثر عدلا، وعلى إرساء ثقافة السلم’’ (1) ، ومن هذا المنطلق نجد :
1- أن التربية على المواطنة وحقوق الإنسان عمل يهدف إلى ترسيخ ثقافة تدافع عن الإنسان، عن حقوقه في الوجود والتفكير والممارسة، وهو أمر له مشروعيته في عالم مليء بمظاهر انتهاك حقوق الإنسان، دوليا ووطنيا.
2- أن التربية على المواطنة وحقوق الإنسان مساهمة أساسية في الوقاية من انتهاكات حقوق الإنسان واستثمارا في اتجاه إقامة مجتمع عادل يحظى فيه الأفراد بالتقدير والاحترام ، فلا يمكن تجاهل الدور الذي تقوم به التربية على حقوق الإنسان في السياق العام لإنجاز هذه الحقوق، و لا يمكن لحماية حقوق الإنسان أن تكون كونية وفعلية إن لم يطالب بها الأفراد بشكل ملموس وباستمرار، ولا يمكن الدفاع عن حقوق الجميع، وبالتالي لا يمكن استخدامها، إلا بعد معرفتها ومعرفة الوسائل الكفيلة بضمان احترامها.
3ـ أن هذه التربية، ولأنها تقصد خدمة الكائن البشري، هي المقدمة المنطقية والواقعية لكل عمل هادف إلى تنمية العنصر الإنساني وتثقيف قيمه وسلوكه، كمدخل ضروري لتنمية المجتمع وحداثته.
4ـ أن التربية على المواطنة وحقوق الإنسان استجابة لأسلوب تربوي حديث، تتعلق بالدعوة إلى انفتاح المؤسسة التربوية التعليمية على محيط الأطفال والمراهقين والشباب وما يعرفه هذا المحيط الثقافي والاجتماعي للمتعلمين من تصورات وقيم وسلوكيات.
وفي ضوء هذه الاعتبارات يصبح ضروريا تجاوز الاهتمام بحقوق الإنسان في المناسبات والاحتفالات ببعض الأيام، مثل يوم الإعلان العالمي أو يوم الطفل أو يوم المرأة أو يوم التسامح؛ وذلك كي يصبح الاهتمام بمسألة حقوق الإنسان اهتماما يوميا. ولعل اختيار التربية مدخلا لنشر ثقافة حقوق الإنسان وترسيخها هو بمثابة استراتيجية متينة لتحقيق هذا المشروع، ومساهمة في نشر هذا النوع من الاهتمام التربوي بحقوق الإنسان نضمن مداخاتنا هاته تعريفا عن “حقوق الإنسان”، ثم نبين معنى “التربية على حقوق الإنسان” وخصائصها ومستوياتها؛ انتهاء إلى دور المجتمع المدني في ترسخ التربية على المواطنة وحقوق الإنسان وذلك إيمانا بحاجة ثقافتنا ومجتمعنا إلى تدارس هذا الموضوع والنظر في إشكالياته.
I